خدمة الواتساب
+971555579300انستقرام الرمس نت
@alramsnetتليجرام الرمس نت
للإشتراك اضغط هنا
#1
|
|||
|
|||
«ذراع» تولستوي
.
«ذراع» تولستوي *جريدة الخليج د. حسن مدن: حين قرأ الأديب الروسي تورجينيف الرواية القصيرة «بوليكوشكا»، لمواطنه الأديب الشهير ليف تولستوي كتب يقول: «هناك صفحات مدهشة حقاً، حتى لتنفذ البرودة إلى عمودنا الفقري رغم سمكه وغلظته. إنه فنان. فنان!». تولستوي ليس فقط مؤلف «آنا كارنينا»، التي قد تكون الأكثر شهرة بين أعماله، والتي تحولت إلى السينما على أيادي عدد من كبار المخرجين، سواء كان ذلك في روسيا نفسها، أو في بلدان أخرى، حيث استحوذت على اهتمام السينمائيين وأسَرَتهم بشخصياتها وأحداثها؛ فهو، إلى ذلك، وضع عدداً لا يحصى من الأعمال الأدبية، بما فيها روايات قصيرة، بينها «بوليكوشكا»، التي عنها قال تورجينيف ما أوردناه. في هذه الرواية القصيرة نفذ تولستوي إلى نفسية الفلاح الروسي البسيط، القن، الذي ذاق شتى صنوف العذاب والمهانة، وكعادته، يأخذ تولستوي بأيدينا إلى تفاصيل الحياة الروسية، والسمات السيكولوجية لناسها. في أواسط القرن التاسع عشر سمع تولستوي من أحد أصدقائه الأدباء حكاية حصان عدّاء كان يطلق عليه اسم «الذراع» لمشيته الطويلة المتساوقة. ساعتها دوّن في مفكرته التالي: «أودّ أن أكتب قصة حصان». لم يفعل تولستوي ذلك مباشرة، ولكنه فعل بعد خمس سنوات. فعل ذلك مرتين لا مرة واحدة. في المرة الأولى وضع الصيغة الأولى على شكل مسودة، ولكن انهماكه على روايته، الشهيرة هي الأخرى، «الحرب والسلم» حال دون إنجاز «الذراع» في صيغتها النهائية، فعاد إلى المسودة بعد عشرين عاماً، وفي النتيجة صدرت بالصيغة التي انتهى به عليها. جاءت «الذراع» على لسان الحصان نفسه الذي يحمل اسمها. وحول الموضوع نُقل عن تورجينيف أيضاً أنه كان في نزهة صيفية مع تولستوي ذات مرة، حين صادفهما حصان عجوز منهك، فاقتربا منه، حيث راح تولستوي ينظر إليه باهتمام، وراح يردد على مسمع زميله ما يحسب أن هذا الحصان يفكر فيه لحظتها عن مجمل معاناته، لدرجة أن تورجينيف شعر أن تولستوي وضعه هو نفسه في موضع هذا المخلوق التعس، فبادر لسؤال تولستوي: «ألم تكن حصاناً في وقت ما؟». بعد ربع قرن كتب تولستوي «الذراع»، فحكى، على ما يبدو، الأفكار التي تداعت في ذهنه وهما يقفان، هو وتورجينيف، أمام الحصان العجوز المنهك. ليس الحصان «الذراع» وحده من وضعه تولستوي أمام اختبارات الحياة. لقد وضع كل الذين أصبحوا أبطالاً لرواياته أمامها، يمتحن فيهم لا صبرهم وحده، وإنما شجاعتهم في مواجهة القسوة، هو الذي عرّف الإنسان الشجاع بأنه: «من لا يخاف إلا ما يجب الخوف منه، وليس مما لا يخيف».
__________________
.. .. |
![]() |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|