تسجيل دخول

عام الاستعداد للخمسـين

  #1  
قديم 5 - 2 - 2023, 11:35 PM
مختفي مختفي غير متواجد حالياً
مراقب عام المنتدى
 
تاريخ التسجيل: 28 - 9 - 2008
الدولة: الإمارات-رأس الخيمة- الرمس
المشاركات: 12,629
معدل تقييم المستوى: 372
مختفي has a reputation beyond repute مختفي has a reputation beyond repute مختفي has a reputation beyond repute مختفي has a reputation beyond repute مختفي has a reputation beyond repute مختفي has a reputation beyond repute مختفي has a reputation beyond repute مختفي has a reputation beyond repute مختفي has a reputation beyond repute مختفي has a reputation beyond repute مختفي has a reputation beyond repute
لا تلتفت إلى الخلف

.







لا تلتفت إلى الخلف



*جريدة الخليج



يوسف أبو لوز:

آخذ طريقي الذي أعرفه جيداً منذ ثلاثين عاماً من أمام المسجد الحسيني، صعوداً، إلى مبنى البنك العربي، ولم تكن طريقي إلى البنك، بل إلى كشك «أبو علي» لبيع الكتب، الأشهر في شارع السلط في قلب العاصمة الأردنية عمّان. ولم يكن «أبو علي»، كعادته، واقفاً أمام كشكه مثل شجرة سنديان يحدّق في مارّة الرصيف، ويدخّن على مهل أمام رفوف كتبه وصحفه، منتظراً، دائماً، الذي يأتي ولا يأتي..


لم يكن «أبو علي» في شارع السلط، ولم يكن على الرصيف، ولم يشرب قهوته وهو على مقعد خشبي صغير ليس بعيداً عن باب الكشك الذي بناه كتاباً كتاباً، وجريدة جريدة، منذ سبعينات القرن العشرين حين كان شاباً أكثر شباباً من شارع السلط، وأكثر شباباً من البنك العربي بعدما غادر قريته في فلسطين، وأصبح وطنه هنا هذا الكشك، وهذا الرصيف.


كان «أبو علي» وطناً صغيراً ورصيفاً لعائلة من الشعراء العرب والروائيين وكتّاب القصة القصيرة، وكتّاب المسرح، لا بل كان وطناً جميلاً لضيوف عمّان من الكتّاب والمثقفين العرب حين يحلّون فرادى وجماعات على مدينة لا تنام إلّا على سبعة جبال مصنوعة من الحجر والضوء والياسمين.


آخذ طريقي إلى مقهى السنترال الذي كان مقهى السنترال، وقبله مقهى الجامعة الذي كان مقهى الجامعة، ثم لا أحد هنا، ولا أحد هناك. وإذا جلست في مكان كنت تعرفه منذ ثلاثين عاماً، فأنت تنتظر الذي يأتي ولا يأتي، بل لن يأتي أبداً مَن تنتظره الآن وأنت وحدك في المقهى، فتأخذ قهوتك وماءك على عجل وتغادر من دون أن تلتفت وراءك. لا خوف من أن تتحوّل إذا تلفّتَّ إلى عمود من الملح، بل لأنك لا تعرف المكان، ولا المكان يعرفك.


هنا، ذات يوم كان فايز مبيضين يحدّثك عن مدارس الفن التشكيلي في روما، حيث كان يدرس، وحيث كان رسّاماً في ذاكرته ذلك النسر الواقف على حجر..




هنا في «الديبلومات» كان «أبو خليل» يحدّثنا عن بيروت التي تركها وهو لم يصل العشرين من عمره، لتختار عائلته العيش في عمّان. مدينة الجبال والجمال بهذه الشعرية المكثّفة في الأمكنة، ووجوه الناس، وحركة الحياة. آخذ طريقي إلى مكان آخر. كنت أسمّيه مكان الشاعر اللّيلي، فلا أجد الشاعر ولا أجد الليل.







__________________
..

..



رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:11 AM


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2023, vBulletin Solutions, Inc.
المواضيع و المشاركات المطروحة بمجالس الرمس الحوارية لا تمثل رأي الموقع او ادارته بل تمثل وجهة نظر كاتبها