الابتكار لا عمر له

[مختفي]

.

الابتكار لا عمر له



*جريدة الخليج



شيماء المرزوقي:

هناك مَن يحسب أن كل مَنْ تقدّم في العمر بات خارج الفاعلية والإنتاج، ولم يعدْ مساهماً في الحراك المجتمعي، ولا في التطور والتنمية، وهناك حديث متواصل عن فاعلية الشباب والحماسة والاندفاع. وهذا كلام جميل، لكن يغفل البعض عن حيوية وأهمية تواجد الحكماء، وأقصد أهل الخبرة الذين تمرّسوا سنوات طويلة على العمل والإنتاج، وخلال مسيرتهم الحياتية صادفوا الكثير من العقبات وتجاوزوها، واعترضتهم الكثير من الصعوبات وتغلبوا عليها، وباتوا يستندون على جبال من الخبرة والمهارة، وبمجرد التقدم في العمر، يتمّ اعتبارهم من قلة قليلة، كهولاً، عبئاً على التنمية، وكأنه لا يمرض ويطلب العلاج، إلا هذه الفئة.



المشكلة التي تحدث أنه يتم حرمان كثير من مفاصل الحياة العملية والاجتماعية والثقافية، من الخبرات والتجارب السابقة، وبالتالي كل عمل معاصر وحديث يتم يكون في معزل عن التجربة والخبرة السابقة، وهو ما يعني تكرار الأخطاء، التي سبق أن تمّ الوقوع فيها قبل عقد أو عقدين من الزمن. التطور التقني لا يغني، ولا يسدّ الفجوة بين المعرفة الضرورية، والخبرة والمهارة، يجب الإدراك أن كبار السن، يستندون على زخم هائل من المهارات والخبرات، التي نحن في أمسّ الحاجة لها، وهم في اللحظة نفسها منتجون ومبتكرون ومخترعون، حتى ولو بلغوا مئة عام.


في كتاب حمل عنوان «التحول الإيجابي: تحكم في طريقة تفكيرك وانعم بالسعادة والصحة والعمر المديد»، قالت المؤلفة الدكتورة كاثرين إيه ساندرسون: «حصل جون جوديناف، أستاذ الهندسة الميكانيكية وعلوم المواد في جامعة تكساس في أوستن، على العديد من الجوائز عن عمله في تطوير البطاريات. في عام 2014 حصل على جائزة تشارلز ستارك دريبر عن إسهامه في اختراع بطارية أيون الليثيوم. وفي عام 2017 تقدّم للحصول على براءة اختراع نوع جديد من البطاريات. كما أنه لطالما كان من الأشخاص المنتظَر فوزهم بجائزة «نوبل» في الكيمياء. لكن ربما أكثرُ ما يدعو للدَّهشة بشأن البروفيسور جوديناف هو سِنه؛ فإنه في الخامسة والتسعين. يعتقد جوديناف أن الجزء الأكبر من أفضل أعماله أنجزها في السنوات المتقدِّمة من عمره. وقد ساقه هذا المنظور لمواصلة العمل لإيجاد حلول لمشكلات فيزيائية وهو في السبعينيات والثمانينيات، بل والتسعينيات من العمر».


كبار السن يُعتبرون كنزاً معرفياً وثقافياً في أي مجتمع، ويجب النظر لهم وفق هذا المعيار. وإذا مُنحت لهم الفرصة، فإنهم سيقدّمون مخترعات ومبتكرات، وسيُلهمون الأجيال في مهارات حياتية، لا يمكن معرفتها إلا بالتجربة وخوضها بشكل فعلي.