تسجيل دخول

عام الاستعداد للخمسـين

  #1  
قديم 5 - 3 - 2023, 11:35 PM
مختفي مختفي غير متواجد حالياً
مراقب عام المنتدى
 
تاريخ التسجيل: 28 - 9 - 2008
الدولة: الإمارات-رأس الخيمة- الرمس
المشاركات: 12,629
معدل تقييم المستوى: 372
مختفي has a reputation beyond repute مختفي has a reputation beyond repute مختفي has a reputation beyond repute مختفي has a reputation beyond repute مختفي has a reputation beyond repute مختفي has a reputation beyond repute مختفي has a reputation beyond repute مختفي has a reputation beyond repute مختفي has a reputation beyond repute مختفي has a reputation beyond repute مختفي has a reputation beyond repute
نرسيس وأبو العتاهية

.




نرسيس وأبو العتاهية



*جريدة الخليج




يوسف أبو لوز:


مرّت على ميلاد صانع أو بائع الجرار إسماعيل بن القاسم (أبو العتاهية) أكثر من ألف عام، وما زالت عبارته الشهيرة «أنا أكبر من العروض» متداولة إلى اليوم، ولكن بين مَنْ؟ الأرجح أن الكثير من كتّاب قصيدة النثر بشكل خاص يعتريهم «الطرب»، إن جازت العبارة، وهم يتكئون على عبارة تسوّغ لهم أو لبعضهم كتابة شعر أكبر من العروض، وفي الحالة هذه تكبر رؤوس بعض هؤلاء الشعراء إذْ يجدون لهم جدّاً مارقاً خارقاً للعادة الشعرية، فهو أكبر من العروض، ولا بأس إن كسر في الوزن، أو كسر عظم القصيدة.


لا يا أحباب. ليس هذا مربط الفرس، فأبو العتاهية لم يكسر في وزن، ولم يستكبر على بحر أو على عروض، بل الرجل قال العبارة في لحظة غضب. زلّة لسان اتُخذت شأناً ثقافياً بعد 1376 من السنوات، بل لعلّ ما يجذب إلى هذه العبارة العتاهية هو فيض الغرور الرّاشح منها. انظر إلى الغرور كيف يتحوّل إلى ما يشبه الحكمة أو المثل أو النموذج: «أنا أكبر من العروض»، وعلى ذلك قِس:


أنا أكبر من الرواية، أنا أكبر من النقد، أنا أكبر من الجائزة، أنا، أنا.. وإلى آخره من «أنوية» متضخمة يبدو أمامها نرسيس مسكيناً، هذا الشاب الحلو الذي رأى نفسه في مرآة الماء، فعشق وجهه، وهام غراماً في الصورة الرقراقة في الغدير، غير أنه، بحسب ما يروى، لم يكن «أبو العتاهية» في مثل حلاوة نرسيس الذي صار مصطلحاً نفسياً يحيل إلى الأنانية والذاتية. كان أبو العتاهية دميماً، ماجناً في أوّل حياته، اتهم بالزندقة والمانوية كما جاء في سيرته، لكن «أنا أكبر من العروض» هي برذعة الحمار التي شغلت شعراء أو بعض شعراء قصيدة النثر، بخاصة أولئك الذين يعتبرون شعرهم هذا مثل القطط، له سبع أرواح.


ليست المشكلة في قصيدة النثر، بل المشكلة في بعض شعرائها، أو في طائفتين من هؤلاء الشعراء: طائفة جاءت إلى قصيدة النثر بعدما جرّبت وعرفت ثقافياً ومهنياً وجمالياً عروض الشعر وبحوره وأوزانه، وطائفة هبطت إلى قصيدة النثر من كوكب زحل، فجأة، بالمظليات والطائرات المروحية، وهؤلاء هم الأكثر طرباً لبائع الجرار الذي لم ير وجهه لا في الجرّة ولا في الغدير.


كل ذلك لا يعني نسفاً قسرياً لظاهرة قصيدة النثر. هناك تجارب ونصوص مُنَقّاة تماماً من الغرور. شعر هادئ ومثقف، وهناك مقابله قش وزؤان وخشب، تماماً مثل شعر التفعيلة، فيه وفيه.


ليست أصابعك واحدة في يدك. كذلك الشعر، ليس كلّه عنباً. ليس كلّه حصرماً.








__________________
..

..



رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:20 AM


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2023, vBulletin Solutions, Inc.
المواضيع و المشاركات المطروحة بمجالس الرمس الحوارية لا تمثل رأي الموقع او ادارته بل تمثل وجهة نظر كاتبها