لن أتراجع، هذه اسقالتي وكفى ....الحذاء
واجه مديره المباشر بهذه العبارة. وفي طريقه إلى المنزل ضحك من كلمة كفى، لأنه وإن كان قد نطق بها لكنّه في الواقع دُفع إليها دفعاً.
فتح باب المنزل وهو يردد: الحذاء لا يرمي صاحبه.
بَعثَرَ نفسه في غرفته لينسى التفكير المنطقي ولو للحظة، وبما أنّ للمنطق سراً غريباً لا يكفي مجنوناً ولا عاقلاً شرّه، راح هذا الملعون يلعب لعبته التالية :
إنّ السقف عالٍ وجميل، يرتكز على أربعة جدران مطلية بشكل لا تنال منها الرطوبة، وهذا كلّه لا بدّ له من أرض يظلّها هذا السقف في الظاهر بينما هو يدهسها في الحقيقة، وهذه الأرض من تكون إن لم تكن أنا؟
وبالفعل أخذت الأقدام تطؤه. حاول أن يقول : الحذاء لا يرمي صاحبه. لكنّ الأقدام مرّت بحنجرته أولاً ومن ثم ذاكرته !
قدم بحذاء عالي الكعب، إنّه لخطيبته التي أعجبت بصلابة مديره، وذهبت معه في رحلة عمل لم تنته بعد ....
لماذا وقد كنتُ أحبّكِ ؟.
وهناك قدم بحذاء إيطالي فاخر هي بالتأكيد لمديره.
طَرَدْتَني ولم أُقَصِّر يوماً في عملي !.
لكن لِمَن هذه الأقدام التي تنتعل أحذية رياضية، وتجتاز الرقاب بسهولة لتصل إلى هدفها ؟ إنّها لزملائه في العمل.
بكى طويلاً :
خلّصني يا ربّ من الأقدام.
ثم استسلم لنوم عميق دام مدّة الألم الذي بداخله، وعندما أفاق كان المنطق يُضَمّد جراحه على الشكل التالي :
لقد كنتَ تعمل في مكان أشبه بالحذاء، والحذاء كان واسعاً أو ضيقاً، المهم أنّه لم يناسبكَ، وببساطة تخلّصتَ منه، ورميته بعيداً.
هزّ رأسه وأجاب :
نعم فالحذاء لا يرمي صاحبه.
بقلم: ديمة بعاجسوريا - حلب